تاريخ الوهابية الأسود - من هم الخوارج مقدمة الطبعة الأولى مقدمة الطبعة الثانية تمهيد : من هم الخوارج التعريف بالوهابية الجغرافيا الوهابية التاريخ الوهابي العقيدة الحشوية من فكر القيادة الوهابية علماء السنة يردون الفقه الحشوي الولاء الوهابي لمن الخاتمة الوهابية في كتب آخرى مقالات في الوهابية

 

 بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الرابع
العقيدة الحشوية

 

مدار العقيدة  الحشوية

أمثلة من معتقدات الحشوية

التقية عند الوهابية

من كذب الحشوية

لقول بقِدم العالم والحدّ

الوهابية ولبس الصليب

حرام على بلابلة الدوح؟

من ضلالات الحشوية

التناقض العقائدي

ويستحلون الكذب على مخالفيهم

العقيدة الوهابية هي تجديدٌ بحق ؛ ولكن لعقيدة التجسيم الحشوية ، وذلك نتيجة لإعجاب محمد بن عبد الوهاب بها ، وهاهم أذنابه يقتفون أثره . وإن سقوط هذه العقيدة حتمي يؤمن به حتى معتنقوها بل وسدنتها ؛  لذا فهم يهربون من أي نقاش علني فيها. وفي هذا الفصل ترى كيف أنهم الخوارج الذين:

(يقرؤون القرآن ولا يجاوز حناجرهم)

 

مدار العقيدة الحشوية

مدار العقيدة الحشوية تجسيم المولى سبحانه وتعالى ، ونحن سنترك أمر الرد عليهم لعالم من علماء الحنابلة ، لينتِّف ريشهم ؛ فهم يلزون أنفسهم بمذهب الإمام أحمد بن حنبل زوراً وبهتانا ، وهذا أحد كبار علماء المذهب الحنبلي ، وإليك ما يقوله فيهم ؛ وذلك من كتاب:

الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب

المؤلف والكتاب :

 هو الإمام أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة 597هـ ، و الكتاب تحقيق محمد منير الإمام / مركز الخدمات والأبحاث الثقافية / دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع ش.م.م/ص.ب5279/14 . بيروت - لبنان.

مقتطفات من مقدمة المحقق :

( الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ورضي الله عن الأئمة الأعلام حماة هذا الدين ، صرفوا أوقاتهم في الذب عن الشريعة ضد الملحدين والمعطلين والمجسمة والمشبهة وغيرهم من الفرق الضالة ، فبينوا للعامة الغث من السمين والحق من الباطل أما بعد فقد رأيت كتاب الإمام العلامة عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد القرشي التيمي البكري البغدادي الحنبلي الواعظ المعروف بابن الجوزي المسمى ( الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب ) الذين خالفوا مذهب ومعتقد الإمام أحمد بن حنبل t ، ونسبوا له ما لا يعتقده ، وافتروا عليه بما لا يقله أدنى مسلم فكيف بهذا الإمام العظيم ، الجليل القدر ، فإنه ابتلي في حياته فصبر وفاز ، وابتلي في مماته بأكثر المنتسبين إليه ، فجزاه الله خيرا ... وهذا الكتاب قاصماً لظهور المشبهة مشتتاً لبدع المجسمة ضارباً حججهم الواهية بسيف الشرع طاعناً أفكارهم برمح العقل السليم الذي هو شاهد للشرع الحنيف ، قاذفاً آراءهم بمقلاع الحجج والبراهين كاشفاً ستار الجهل والضلال ، مبيناً للعامة أضاليلهم وتمويهاتهم ...الخ ) .

مقتطفات من مقدمة المؤلف ابن الجوزي:

( …ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح ، وانتدب للتصنيف ثلاثة أبو عبدالله بن حامد ، وصاحبه القاضي ( أي الفراء ) وابن الزاغوني ؛ فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلى منزلة العوام ، فحملوا الصفات على مقتضى الحس . فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته ، فأثبتوا له صورة ووجهاً زائداً على الذات ، وعينين وفماً ولهوات وأضراساً وجهة هي السبحات ويدين وأصابع وكفاً وخنصراً وصدراً وفخذاً وساقين ورجلين .

وقالوا : ما سمعنا بذكر الرأس .

وقالوا : يجوز أن يمِس ويُمس ، ويدني العبد من ذاته .

وقال بعضهم : ويتنفس .

وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات ، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ، ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل ، حتى قالوا صفة ذات ، ثم أثبتوا أنها صفات ذات قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف ، وساق على شدة ، بل قالوا : نحملها على ظواهرها ، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين ، والشيء إنما يجعل على حقيقته إذا أمكن وهم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون : نحن أهل السنة وكلامهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام . فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم : يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وأتباع إمامكم الأكبر يقول وهو تحت السياط : ( كيف أقول ما لم يقل ) . فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس فيه ، ثم قلتم في الأحاديث ، تحمل على ظاهرها . وظاهر القدم الجارحة ، فإنه لما قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى أن لله صفة هي روح ولجت في مريم ، ومن قال : استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات ، وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل ؛ وهو العقل ، فإنه به عرفنا الله تعالى ، وحكمنا له بالقدم ، فلو أنكم قلتم : نقرأ الأحاديث ونسكت ، ما أنكر عليكم أحد ، إنما حمْلكم إياها على الظاهر قبيح ، فلا تُدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس فيه . ولقد كسيتم هذا المذهب شيئا قبيحاً حتى لا يقال حنبلي إلا مجسم ، ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ليزيد بن معاوية ، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته ، وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم : لقد شان هذا المذهب شينا قبيحاً لا يغسل إلى يوم القيامة ).اهـ

 

أمثلة من معتقدات الحشوية الفاسدة

من كتاب السيف الحاد في الرد على من أخذ بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد للعلامة القنوبي

الحشوية يثبتون بعض القضايا العقدية ، التي لها تعلق بأسماء الله وصفاته ، أو وعده ووعيده ، إلى غير ذلك مما له تعلق بباب الاعتقاد ، ويكفرون من خالفهم في ذلك ، ويفسقونه ، ويضللونه ، ويبدعونه ، ولا دليل لهم على ذلك ولا مستند ، إلا مجرد الاعتماد على بعض أحاديث الآحاد التي يجوزون على رواتها الخطأ والغلط والوهم والذهول والنسيان إلى غير ذلك مما لا يكاد يسلم منه إنسان ، ومن هنا تراهم يتخبطون في عقائدهم تخبط عشواء فنجدهم اليوم يصوبون من كان بالأمس يفسقونه ، وتراهم في الغد يحكمون بفساد ما اليوم يعتقدونه ، وقد رد عليهم الكثير من علماء أهل السنة نذكر منهم الكوثري والسقاف والأستاذ أبو غدة والشيخ أبو اسحاق الشيرازي والإمام أبو بكر الشاشي وآخرون ، ومن الكتب التي ناقشتهم كتاب المحضر الذي كتبه جماعة من أئمة الشافعية ، وكذلك كتاب التذكرة الشرقية كما في ( إتحاف السادة المتقين ) للإمام الزبيدي .

والأمثلة على ضلالات الحشوية ونبتتهم الشيطانية الوهابية ؛ واختلافهم في مسائل الاعتقاد كثيرة جداً سنذكر منها التالي :

1 . قال عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه الذي رد به على بشر المريسي :

( أ ) قال في ص25 : ( خلق آدم بيده مسيسا ) وقد ذكر ذلك في مواضع ، فتراه يحمل خلقه سبحانه لآدم على مزاولة الطين بالجارحة .

( ب ) قال ص74 : ( إنه ليقعد على الكرسي فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ) .

( ج ) قال ص20 : ( الحي القيوم ... يتحرك إذا شاء ، وينزل ويرتفع إذا شاء ، ويقبض ويبسط إذا شاء ، ويقوم ويجلس إذا شاء ، لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك . كل حي متحرك لا محاله ، وكل ميت غير متحرك لا محاله )

قال الكوثري : ( فإذا معبود هذا الخاسر يقوم ويمشي ويتحرك ، ولعل هذا الاعتقاد ورثه هذا السجزي من جيرانه عباد البقر ، ومن اعتقد ذلك في إله العالمين يكون كافراً باتفاق ، فياويح من يقتدي بمثله في الصلاة أو يناكحه ، فماذا تكون حال من يرتضي هذا الكتاب أو يوصي به أشد الوصية أو يطبعه للدعوة إلى ما فيه ؟ وهذا توحيدكم الذي إليه تدعون الناس )

( د ) قال ص85 : ( ولو شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقرت به بقدرته ولطف ربوبيته ، فكيف على عرش عظيم )

قال الكوثري : ( هذا كلام في الله سبحانه كأن جواز استقرار معبوده على ظهر بعوضة أمر مفروغ منه مقبول ، فيستدل بذلك على جواز استقراره تعالى على العرش الذي هو أوسع من ظهر البعوضة ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، ولا أدري أحدا من البشر نطق بمثل هذا الهذر قبل هذا السجزي والحراني ابن تيمية المؤتم به وأشياعهما )

( هـ ) قال ص 100 : ( من أنبأك أن رأس الجبل ليس بأقرب إلى الله من أسفله ، ورأس المنارة ليس بأقرب إلى الله من أسفلها )

قال الكوثري : ( وكلامه هذا يدل على أنه كان يتطلع إلى معبوده من رؤوس الجبال والمآذن والمراصد ، كما هو صنيع الصابئة الحرانية[1] عبدة الأجرام العلوية . وأما المسلمون فهم يعتقدون أن الله سبحانه منـزه عن المكان ، ونسبته إلى الأمكنة سواء ، وليس القرب منه بالمسافة ولا البعد عنه بالمسافة قال تعالى : { واسجد واقترب } (العلق19) وقال الرسول r : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ) أخرجه النسائي وغيره ، وهذا الخاسر وأشياعه يقولون : لا ، بل اطلع رأس الجبل واصعد فوق المرصد تتقرب إلى المعبود ، فهل بعد هذا كفر )؟ اهـ  

2. مسألة استقرار الله ـ سبحانه وتعالى ـ على العرش ـ تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علواً كبيرا:

حيث قال بذلك بعض أرباب هذه النحلة ( الخاسرة ) كالدارمي المجسم وابن تيمية وابن القيم ، بل قال بعضهم إنه يُقعِد بجنبه يوم القيامة نبيه محمدا r وقد وضعوا للتدليل على ذلك بعض الأحاديث كما وضعوا أيضاً عدة أبيات على الإمام الدارقطني منها :ـ

فلا تنكروا أنه قاعد *** ولا تجحدوا أنه يقعده

وأورده ابن القيم في بدائع الفوائد ج4 ص48 هكذا:

ولا تنكروا أنه قاعد *** ولا تنكروا أنه يقعده

والكل كذب فقاتل الله الكذب والكذابين ومن يدافع عنهم .

والمتهم بوضع هذا البيت هو ابن كادش الكذاب أو شيخه العشاري المغفل ، وقد كان أحد مجانينهم ، يقول : لو أن حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً أن الله يُقعِدُ محمدا r على العرش[2] واستفتاني لقلت له : صدقت وبررت ، كذا قال هذا اللعين أخزاه الله وعامله بما يستحق .

وذهبت طائفة منهم إلى نفي ذلك مع القول بالعلو الحسي ـ تعالى الله عن ذلك ـ وممن ذهب إلى ذلك ناصر الألباني المتناقض حيث قال في مختصر علوه السافل بعد كلام : … فإنه يتضمن نسبة القعود إلى الله عز وجل وهذا يستلزم نسبة الاستقرار عليه تعالى وهذا مما لم يرد فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل . اهـ

يقول العلامة القنوبي :

بل ولم يثبت شيء عن رسول الله r في العلو الحسي وما استدلوا به على ذلك موضوع وباطل مخترع مصنوع وما صح من ذلك فلا دليل فيه على ذلك البتة .

ويقول : وكما أنه لم يثبت عن رسول الله r شيء في ذلك ، كذلك لم يثبت شيء عن صحابته r ، وما روي عنهم فكذب صريح عليهم .

ونحن نتحدى هؤلاء الحشوية أن يأتوا لنا برواية صحيحة فيها التصريح بالاستقرار أو الاستواء الحسي وليستظهروا على ذلك بمن شاءوا ولو بالثقلين جميعا ، كما أننا نتحدى أرباب هذه النحلة للمناظرة في هذه المسألة أو غيرها من المسائل العقدية .

هذا وكما أنهم كذبوا على رسول الله r وصحابته y في هذه المسألة وغيرها كذلك كذبوا على الأئمة حيث نسبوا إليهم القول بالاستواء الحسي وهم كاذبون ، وقد ذكرنا طرفا من كذبهم على الأئمة الأربعة في مقال سابق.

التقية عند الوهابية[3]

أدعياء السلفية المجسمة[4] ، يتصورون معبودهم جسماً له عينين ويدين ورجلين وما سواه وأنه يفنى ما خلا وجهه[5]، ومع كل هذا  يدعون أنهم ليسوا مجسمة وذلك لأنهم تصورا بأنهم قد حلوا الإشكال بإضافتهم عبارة (كما يليق بجلاله ) بعد كل تجسيم[6] !ولكن أي جلال ذاك الذي أبقوه بعد أن جعلوا له أعضاء مادية ، وجعلوه محدوداً بزمان ومكان وحركة وأنه يفنى ما عدا وجهه .

إنهم بنوا عقيدتهم على أساس هش ومغالطة تسمى في علم المنطق (قبول المقدمات ورفض النتيجة) وتسمى في علم الكلام (عدم الالتزام بلوازم المذهب) وفي لغة العصر (تبني التشبيه والتجسيم بدون اسمه) إنهم يستعملون مبدأ التقية في التصريح بصفات معبودهم ، ويشنعون على الشيعة استعمالهم التقية في بعض أمورهم !

إن الباحث في توحيد الوهابيين يرى نفسه بين أمرين : إما أن يحكم على علمائهم بعدم الفهم  ، أو يحكم عليهم بأنهم يستعملون التقية في الإفصاح عن معبودهم ، ولكنه يستبعد الحكم على علمائهم بعدم الفهم لأنه يرى أن ابن عبد الوهاب وبعض تلاميذه الماضين وبعض تلاميذه المعاصرين مثل ابن باز والألباني ، وأسلافهم كالذهبي وابن تيمية ومجسمة الحنابلة ، يعرفون معنى الحمل على الظاهر وما يستلزمه من تجسيم ، ولكنهم يدافعون عن أنفسهم أمام المسلمين بنفي اللوازم ، بينما يظهر التجسيم في كلماتهم وما يسرُّونه للخاصة من أتباعهم ! مما يكتم تفسيره على حد قول ابن تيمية ! أو بالقول أن ما ورد في القرآن والسنة هو نفي الند والمثل والكفء أما الشبيه فلم يرد فيه نفي فلا مانع من القول به لا عقلاً ولا شرعاً[7] !! 

ويقول الذهبي إن ذلك من (العلم المباح (الذي) لا يجب بثه ، ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء)[8] وهذا شبيه بالعلم الذي يحصره اليهود والنصارى برؤساء الاكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات !! ، ويقول في سيره 20/331 (ومسألة النـزول فالإيمان به واجب وترك الخوض في لوازمه أولى) اهـ. وكلمة (وتركه أولى) تعبير فقهي معناه أن التعبير به جائز ولكن الأحسن تركه ، فهو ملتفت إلى أن لوازم مذهبه التجسيم وملتزم بها ، ولكنه يفضل عدم الكلام فيها حتى لا يكون ممسكاً عليهم عند المنـزهين !

وأما عوامهم فهم عوام أقحاح لا يعرفون إلا مدح مذهبهم بأنه مذهب التوحيد ومذهب السلف ، ولا يعرفون معنى التأويل والتفويض والمجاز.

وأما طلبتهم وأكثر خريجيهم فيتصورون أن حمل آيات الصفات على الظاهر الحسي هو مذهب جمهور الأمة وسلفها الصالح ، لكثرة ما لقنوهم ذلك في كتبهم الدراسية ووسائل إعلامهم ، ولا يكاد أحدهم يعرف معنى الحمل على الظاهر ولوازمه !

تقول لأحدهم : إن قول علمائك بأن الله تعالى جالس على عرشه ، وأنه ينـزل إلى الأرض كما نزل ابن تيمية عن درج المنبر في الشام ، يلزم منه تحديد الله تعالى بالمكان والزمان وصفات المكين والزمين ! فيجيبك : كلا ، لا يلزم من ذلك التشبيه والتجسيم ! لأنه يجلس كما يليق بجلاله ، وينـزل كما يليق بجلاله ...!!  ويتصور هذا المسكين  أنه  إذا لقلق  لسانه بقوله (كما يليق بجلاله) فقد حل المشكلة العلمية ، ودحا باب خيبر !!  فمثله كمثل الذي يأكل ويشرب في وضح النهار ثم يصر على أنه صائم لم يذق شيئاً ! لأنه صام كما يليق بصيامه ، وأكل كما يليق بجنابه ! مع أنه لم يبقِ شيئاً حسناً يليق بجنابه.

ويدل النص التالي للسبكي أن التقية معروفة عند أسلاف الوهابيين ، وأن بعض العلماء قد بيَّن سببها ، قال في طبقات الشافعية 8/ 222 : ( قال الشيخ ابن عبدالسلام : والحشوية والمشبهة الذين يشبهون الله بخلقه ضربان: أحدهما لا يتحاشى من إظهار الحشو (ويحسبون أنهم على شيء) والآخر يتستر بمذهب السلف لسحت أكله أو حطام يأخذه)

أقول: التقية عند مشائخ الحشوية يدركها من يقرأ كتب ابن القيم وأستاذه ابن تيمية فهما يغلفان مرادهما تغليفاً بألفاظ منمقة وعبارات مسهبة ومقدمات طويلة لا تدرك مغزاها إلا بعد طول تأمل ، وخصوصاً في مسائل التجسيم كأنهما يريدان أن يقولا شيئاً يخجلان به ، وهو سبيلهم لبقاء كتبهم التي لو علم الناس ما فيها من باطل لأحرقوها ، وما فعلوا ذلك إلا بعد أن خبروا الناس ورأوا ردود أفعالهم ، وهذا مذهبهم الباطل لم يلق أرضاً خصبة إلا في بلاد مسيلمة الكذاب ، إن في ذلك لعبرة.

من كذب الحشوية

سنفرد هذا المقال للحديث عن كتاب افتراه الحشوية على عبدالله بن أحمد بن حنبل ، وسمَّوه كتاب السنة لابن الإمام أحمد ونجزم بعدم ثبوته عنه لأن في الإسناد إليه راوياً مجهولا وفيه من العظائم كثير نذكر منها التالي:

( أ ) . قال ص5 : ( فهل يكون الاستواء إلا بالجلوس ) .

(ب) . قال ص70 : ( إذا جلس الرب على الكرسي سمُع له أطيط كأطيط الرَّحل الجديد ) .

(ج) . قال ص71 : ( إنه ليقعد على الكرسي فما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ) .

(د) . قال ص67 : ( كتب الله التوراة لموسى بيده ، وهو مسند ظهره إلى الصخرة في الألواح من در ، يسمع صرير القلم ، ليس بينه وبينه إلا الحجاب ) .

(هـ) . قال ص68 : ( إن الله لم يمس بيده إلا آدم ، خلقه بيده ، والجنة ، والتوراة كتبها بيده ، ودملج الله لؤلؤة بيده فغرس فيها قضيباً فقال : امتدي حتى أرضي وأخرجي ما فيك بإذني ، فأخرجت الأنهار والثمار ) .

(و) . قال ص35 : ( رآه على كرسي من ذهب ، يحمله أربعة : ملك في صورة رجل ، وملك في صورة أسد ، وملك في صورة ثور وملك في صورة نسر ، في روضة خضراء دونه فراش من ذهب) .

(ز) . قال ص149 : ( أبدى عن بعضه ) .

(ح) . قال ص164 : ( ويده الأخرى خلو ليس فيها شيء ) .

(ط) . قال ص 165 : ( يمس بعضه ) .

(ي). قال ص167 : ( حتى يضع بعضه على بعض .. وحتى يأخذ بقدمه ) .

(ك) . قال ص149 : ( وأوحى إلى الجبال أني نازل على جبل منك ، فتطاولت الجبال ، وتواضع طور سيناء وقال : إن قُدر لي شيءٌ فسيأتيني ، فأوحى الله أني نازل عليك لتواضعك ، ورضاك بقدري ) .

(ل) . قال ص77 : ( ينـزل الله في ظل من الغمام ، من العرش إلى الكرسي … فيتمثل الرَّب فيأتيهم ... والرَّب أمامهم حتى يمر ) .

(م) . قال ص156 : ( فأصبح ربك يطوف في الأرض ) .

(ن) . قال ص182 : ( إن لجهنم سبع قناطر ، والصراط عليهن ، والله في الرابعة منهن ، فيمر الخلائق على الله عز وجل وهو في القنطرة الرابعة ) .

(س) . قال ص48 : ( ثم يأتيهم بعد ذلك يمشي ) .

فأنت ترى ما في كتاب سعيد الدارمي الذي ذكرناه في الموضوع السابق وما في هذا الكتاب المنسوب إلى عبد الله بن الإمام أحمد وفي غيرهما من كتب أرباب هذه النحلة الخاسرة  المجسمة ككتب القاضي أبي يعلى وكتب الشيخ الحراني وأذياله كابن القيم وشارح الطحاوية ... وغيرهم كثير من أمثال هذه المسائل التي نستغفر الله من كتابتها ، فضلاً من أن ندين الله بها ، والتي هي ببساطة ترديد لمعتقدات اليهود .

 

القول بقِدَم العالم والحدّ[9]

إن عقيدة الإسلام جاءت مبينة بأن الله تعالى {هو الأول} الذي تفرد وحده بالقِدم ، يقول الرسول الكريم r كما في صحيح البخاري : (كان الله ولم يكن شيء غيره) وفي رواية (كان الله ولم يكن شيء معه) وفي رواية (كان الله ولم يكن شيء قبله) وجاء أيضاً في صحيح الحديث (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، وأمره أن يكتب كل شيء يكون)[10] ، وأئمة الإسلام نقلوا الإجماع على أن الله تعالى كان وحده في الأزل ، ولم يكن معه شيء من المخلوقات ، بل نقلوا الإجماع على كفر من خالف هذا ، ووافقهم ابن حزم في مراتب الإجماع ص 167 ، وذكره الحافظ القاضي عياض في الشفاء وغيرهم ، وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة ، فما موقف الحشوية من هذا؟

إن الحشوية يرون غير هذا ، فهم يرون أن العالم قديم بنوعه ، ويقصدون بذلك تسلسل الحوادث إلى غير بداية ، من غير أن يكون هنالك مخلوق قديم بعينه ، أي معيَّة المخلوقات لله في الأزل بجنسها ، دون أن يكون لابتدائها أول ، وهذا عين ما يقول به  ابن تيمية الحراني إمام الحشوية الأكبر ، الذي يسمونه شيخ الإسلام ، وقد قال القاضي عياض في الشفا (2/606) : (نقطع على كفر من قال بقدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك على مذهب الفلاسفة والدهرية).

وسننقل هنا النصوص والأقوال التي صرح فيها ابن تيمية بقدم العالم بالنوع:

1.    قال ابن تيمية في كتابه (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) ، المطبوع على هامش (منهاج السنة) (2/75)وكذا في درء تعارض العقل له (2/148) ما نصه: (وأما أكثر أهل الحديث[11] ومن وافقهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً ، ويفرقون بين حدوث النوع ، وحدوث الفرد من أفراده ، كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه).

2.    وقال في منهاج السنة (1/109)ما نصه: (فيمتنع كون شيء من العالم أزلياً ، وإن جاز أن يكون نوع الحوادث دائماً لم يزل)

3.     وقال في الموافقة (1/245) ما نصه: (قلت : هذا من نمط الذي قبله ، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث)

4.     وذكر ابن تيمية في كتابه شرح حديث عمران بن حصين صحيفة 193 ما نصه : ( وإن قدِّر أن نوعها لم يزل معه فهذه المعيَّة لم ينفها شرع ولا عقل[12] بل هي من كماله)

5.     وانظر أيضاً في كتابه (نقد مراتب الإجماع) صحيفة 167 168 بعد أن أورد ابن حزم باباً بعنوان : (- باب من الإجماع في الاعتقادات يكفر من خالفه بإجماع ثم قال ابن حزم فيه : اتفقوا أن الله عز وجل وحده لا شريك له خالق كل شيء غيره ، وأنه تعالى لم يزل وحده ولا شيء غيره معه ، ثم خلق الأشياء كلها كما شاء ، وأن النفس مخلوقة ، والعرش مخلوق ، والعالم كله مخلوق) فقال ابن تيمية متعقباً ، ناقضاً ناقداً لهذا الكلام الذي أجمعت الأمة عليه ، وأجمعت على كفر من خالفه ما نصه: ( وأعجب من ذلك حكايته أي ابن حزم الإجماع على كفر من نازع أنه سبحانه لم يزل وحده ولا شيء غيره معه )ا.هـ . كلامه.

وقد أجاب ابن تيمية على تعجبه هذا أربعة من فحول علماء الأمة وهم الإمام الحافظ ابن دقيق العيد والإمام الحافظ الحجة زين الدين العراقي والحافظ أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني والإمام المحدث محمد زاهد الكوثري ، وقد نقل ابن حجر في فتح الباري ذلك فاجتمع قول الثلاثة الأُول في موضع واحد حيث قال (12/202): (قال شيخنا – أي العراقي – في شرح الترمذي : الصحيح في تكفير منكر الإجماع تقييده بإنكار ما يعلم وجوبه من الدين بالضرورة كالصلوات الخمس ، ومنهم من عبر بإنكار ما علم وجوبه بالتواتر ، ومنه القول بحدوث العالم ، وقد حكى القاضي عياض وغيره الإجماع على تكفير من يقول بقدم العالم ، وقال ابن دقيق العيد : وقع هنا من يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلى الفلسفة[13] فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الإجماع ، وتمسك بقولنا أن منكر الإجماع لا يكفر على الإطلاق ، حتى يثبت النقل بذلك متواتراً من صاحب الشرع ، قال : وهو تمسك ساقط أما عن عمى في البصيرة أو تعامٍ ، لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل) ا.هـ. ، وأما الرابع الذي أجاب ابن تيمية على تعجبه السالف الذي نقلناه  فهو الإمام المحدث محمد زاهد بن حسن الكوثري حيث قال معلقاً على كلام ابن تيمية  في نقد مراتب الإجماع ص 168 ما نصه : (لا عجب في القول بإجماع الأمة على كفر من أثبت خالقاً سواه تعالى بالمعنى الذي سبق ، ولا في إكفار من ينكر أنه سبحانه لم يزل وحده ولا شيء معه ، وإنما العجب كل العجب اجتراء ابن تيمية هنا على القول بحوادث لا أول لها ، والقول بالقدم النوعي في العالم ، وبقيام الحوادث به سبحانه متعامياً عن حجة إبراهيم عليه السلام المذكورة في القرآن الكريم ، ومنكراً لما يعزوه لصحيح البخاري (كان الله ولا شيء معه) مع أنه هو القائل – ابن تيمية – بأن ما في الصحيحين يفيد العلم ، يعني اليقين ؛ إجراء له مجرى الخبر المتواتر ، ومخالفاً للإجماع اليقيني في ذلك ، وأنى يُتصور قدم للنوع الذي لا وجود له ... وعدم تناهي ما يدخل بالفعل تحت الوجود لا يتصوره إلا عقل عليل !!!) ا.هـ.

هذا هو ابن تيمية ، الأب الروحي للحشوية ، والذي يقول أيضاً بالحدِّ في ذات الله تعالى أيضاً ، ويثبت له المكان ، ويثبت أن هذا المكان محدود بالعرش ، ويصرح بجلوس الرَّب عليه كما في كتابه العرش ، وكتاب الموافقة (2/29) وغيره ، وتابعه على ذلك تلميذه الوفي ابن القيم في بدائع الفوائد (4/39-40) مع أن الله سبحانه وتعالى يقول {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ويقول سبحانه {ولم يكن له كفواً أحد} وفي صحيح مسلم يقول الرسول الكريم r في دعائه ( اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء.. وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ) فالذي لاشيء فوقه ولا شيء دونه لا حدَّ له .

هذه هي العقيدة الحشوية في أبهى صورها ، و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

 

الوهابية والصليب

 

الشيخ ابن باز أجاب في شريط مسجل عن لبس الصليب وتعليقه هل يصل إلى الكفر ؟ فأجاب بقوله (لا هذه أمور عادية ، ينظر فيها أولي[14] الأمر بما تقتضيه المصلحة ، إذا كان من المصلحة الإسلامية قبول هذه المجاملة أو هذه الهدية كان جائزاً... الخ) ولما أنكر إليه بعض الحضور وقالوا : (صليب يا شيخ!!) قال (ولو كان صليباً)[15].

وهكذا أخي المسلم ترى وبكل وضوح كيف يتوارث علماء الوهابية مخطط القضاء على الإسلام بحجة حمايته ، فاليهود والنصارى الذين أمرنا الله ورسوله بمخالفتهم وعدم موالاتهم يرى كبير شياطين الوهابية أن لبس صلبانهم والتزلّف إليهم فيه مصلحة الإسلام ، بينما في المقابل يرى وجوب قتل العراقيين وإن كانوا في الصلاة ، كما يفتي بأن قتل المسلمين الإباضية قربة إلى الله.!

وهكذا ترى بأمِّ عينك أيها المسلم تنفيذ هؤلاء لمخطط أساتذة محمد بن عبد الوهاب من المستشرقين أعداء الإسلام من أمثال المستر هامفر وكذلك الذين واصلوا المشوار بعد ذلك لقيادة الوهابية وتوجيه هؤلاء الأعراب من أمثال شكسبير وفيلبي .

 

أحرامٌ على بلابله الدَّوح ..؟

يرى الوهابية التبرك بالنبي r شركاً ، والقصد لزيارة قبره الشريف غير جائز ، ونظرتهم هذه مبنية على زعم شيخهم ابن تيمية بأن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء عامة شرك زيَّنه الشيطان للناس[16] ، وأن اللات ، وهي صنم ، كان سبب تعظيمها عبادة رجل صالح[17] ، وهذا أحد أسباب استحلالهم دماء المسلمين ، علماً أن التبرك بالنبي وآله ثابت عن كثير من الصحابة بل عن كبارهم ؛ (فَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ فَقَالَتْ إِي وَاللَّهِ قَالَ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَتْ لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا ) ففي هذا الحديث الذي رواه البخاري إفادة قاطعة لا تقبل الجدل بأن الدفن قرب المصطفى كانت أمنية الصحابة ، ولم يقولوا ما تقوله الوهابية اليوم أنه ميت لا ينفع ولا يضر‍ ، وقد فرح الفاروق بموافقة أم المؤمنين أيما فرح فقد ثبت عند البخاري قوله t : (مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ)فكيف يكون الاقتراب من المصطفى وزيارته بدعة وهذا حال الفاروق عمر لا يرى لديه شيء أهم من ذلك المضجع؟ وقبله كان ذلك حال الصدِّيق أبي بكر t.

وكيف لا تجوز زيارة قبره الشريف r مع أن زيارة القبور مأمور بها في قوله r (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) رواه مسلم والنسائي والترمذي وأبو داود وأحمد. 

وروى النسائي بإسناد قوي : ( وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَزُورَ فَلْيَزُرْ وَلا تَقُولُوا هُجْرًا ) وروى مالك قريباً من لفظه. وقوله r : (  إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلْتَزِدْكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا) [18]، وقد كان الرسول الكريم  rيزور قبر أمه مع أنه لم بؤمر بالاستغفار لها كما ثبت في الحديث : (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي)[19]

فإذا كان أمر الزيارة والترغيب فيه عام لجميع القبور ، فكيف يستثنى خير قبر في الوجود ؛ ألا وهو قبره r ؟!

وهذا بلال بن رباح t يرى الرسول الكريم r في منامه وهو بالشام يقول له (ماهذه الجفوة يا بلال ، أما آن لك أن تزورنا ؟) فانتبه حزيناً فركب إلى المدينة في خلافة عمر t ، لا يقصد إلا زيارة قبر النبي r ، فما إن يصل حتى يقصده ويجعل يبكي عنده ويتمرَّغ عليه.[20]

وهذه الزهراء فاطمة عليها وعلى أبيها السلام ، تأخذ قبضة من تراب قبر أبيها عليه وآله الصلاة والسلام ، فتشمها وتبكي ثم تقول :

ماذا على من شمَّ تربة  أحمدٍ           أن لا يشمَّ مدى الزمان غواليا[21]

وهذا أبو أيوب الأنصاري يلتزم القبر الشريف ويضع وجهه عليه ويقول لمروان بن الحكم بعدما أنكر عليه فعله : (نعم ، إني لم آت الحَجَر ، ولم آتِ اللَّبِن ، إنما جئت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، لا تبكوا على الدين إذا وليَه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله)[22]. وهذا ابن عمر يضع يده على مقعد النبي r من المنبر ثم يضعها على جبهته[23]. وقد أورد أحمد بن حنبل في مسند الأنصار بسند صحيح ما يدل على ترغيب الرسول الكريم لمعاذ بن جبل في زيارة قبره r ساعة وداعه له عند خروجه إلى اليمن حيث قال له (يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا أَوْ قَبْرِي فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ r ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا ) و(لعلَّ) في أغلب أحوالها للرجاء ، وإذا دخلت (أن) على خبرها تمخَّضت للعرض والرجاء ، فالجملة تنطوي بصريح البيان على توصية معاذ بأن يعرج عند رجوعه إلى المدينة على مسجده r وقبره للزيارة ليسلم عليه[24].

أما الاحتجاج بحديث (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ r وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) فليس فيه حجّة على منع شدِّ الرحال إلى قبره  r البتّة ، فهو خاصٌ بالمساجد ، وإلا لامتنع قياساً على هذا القول شدُّ الرحال لزيارة الأرحام وطلب العلم والجهاد وطلب الرزق وهذا ما لم يقل به عاقل ، وهذا الاحتجاج دليل على قصور التأمل والقياس عند الحشوية.

أما أقوال العلماء فقد جاء عند الترمذي (والذي لا غرابة أن يخاصمه الحشوية!) بعد ذكره لأحاديث الزيارة "وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا يَرَوْنَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ بَأْسًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ.)اهـ. ولكن لا أظن خوارج العصر يقنعون بهؤلاء لأن ابن تيمية وابن القيم لم يحشرا بينهم!

والقول بعدم جواز التوسل إلى الله بنبيه محمد r مردود بالسنَّة فقد جاء عند الترمذي وابن ماجة وأحمد بإسناد صحيح[25] (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ فَادْعُهْ قَالَ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ )

وهذا الإمام مالك بن أنس يخاطب أبا جعفر المنصور لما سأله بأن يستقبل القبر الشريف ويدعو فقال له (لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه الصلاة والسلام إلى الله تعالى يوم القيامة ، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله)[26]

بل إن صاحب وفاء الوفا ينقل عن كتاب (العلل والسؤالات) لعبدالله بن أحمد بن حنبل قوله : سألت أبي عن الرجل يمسّ منبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسّه ويقبِّله ، ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله تعالى .. فقال : لا بأس به[27]

فتقربوا إلى الله أيها المسلم لقضاء حوائجك بما أمرك به نبيك فهو لك شفيع في الدنيا والآخرة ودع خزعبلات خوارج نجد.

تمتَّع إن ظَفِرتَ بنيلِ قُربٍ                وحصِّل ما استطعتَ من ادِّخارِ

هذا ولعلماء أهل السنة آثار عظيمة في فضل زيارة المصطفى واستنـزال البركة به منها (شفاء السقام في زيارة خير الأنام) للإمام السبكي ، و (خلاصة الوفاء) للسمهودي ، و(المواهب اللدنية) للقسطلاني ، و(تحفة الزوار والجوهر المنتظم) لابن حجر ، ومن الكتب الحديثة في هذا الموضوع كتاب (شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق r) للشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني ، وقد ألفَّ العلامة الشيخ محمد طاهر بن عبد القادر الكردي المكي الخطاط كتاباً سمَّاه (تبرك الصحابة بآثار رسول الله r وبيان فضله العظيم) نشرته المكتبة المكية ودار ابن حزم ، يرد فيه على هؤلاء بالثابت من الأثر بتبرك أصحاب رسول الله r حياً وميِّتا.

هذا ويشهد الله أن هؤلاء الوهابية لم تبق فيهم حتى فطرة الأعراب ، فالبون بينهم شاسع وبين ذاك الأعرابي الذي وقف على قبر النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم فقال : (اللهم إنّ هذا حبيبك والشيطان عدوك ، فإن غفرتَ لي سُرَّ حبيبك وغضب عدوك ، وإن لم تغفر لي غضب حبيبك ورضي عدوك وهلك عبدك ، وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك وترضي عدوك وتُهلِك عبدَك ، اللهم إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد أعتقوا عند قبره ، وإن هذا سيد العالمين فأعتقني عند قبره )[28]. ولعلموا أن لو كان لهم فطراً سليمة أن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أكرم عند الله من الحجر الأسود وإن لم يقل لنا أحد ذلك فحق له التقبيل.

مع أنه من عجائب ضلال الوهابية وتناقضهم ما يلي:

أولاً: أن الأب الروحي الأول لهؤلاء هو ابن تيمية ، الذي اشتهر التبرك به فقد جاء في العقود الدريَّة للحافظ ابن عبد الهادي ص 369-371 أنه قد ( حضر جمعٌ إلى القلعة (عند وفاة ابن تيمية) فأذن لهم بالدخول ، وجلس جماعة قبل الغسل ، وقرأوا القرآن وتبركوا برؤيته وتقبيله ثمَّ انصرفوا.

وحضر جماعة من النساء ففعلن ذلك ثمَّ انصرفن ، وألقى الناس على نعشه مناديلهم وعمائمهم للتبرك ، وشرب جماعة الماء الذي فضل عن غسله واقتسم جماعة السدر الذي غسل به .

وقيل إن الطاقية التي كانت على رأسه دفع فيها خمسمائة درهم ، وقيل إن الخيط الذي فيه الزئبق الذي كان في عنقه بسبب القمل ، دفع فيه مئة وخمسون درهما.

ويضيف : وتردد الناس إلى قبره أياما كثيرة ليلاً ونهاراً )

فهل يستثنى ابن تيمية في نظر أتباعه الجدد أم أنهم يتهمون أتباعه القدامى بالشرك ؟!

ثانياً: الأب الروحي الحديث لهؤلاء الحشوية هو محمد بن عبد الوهاب ، والكثير من الناس يظن غافلاً أن هؤلاء القوم بتشريكهم للمسلمين إذا ما رأوهم يزورون قبراً ستكون قبورهم دارسةً ليس عليها بناءٌ ولا علامات اتباعاً للهدي النبوي ، ولكن ماذا لو كان قبر محمد بن عبد الوهاب مزاراً رسمياً للوهابية بنجد ؟!

نعم إن قبر محمد بن عبد الوهاب عليه بناء شامخ وقد جُصِصَ بالرخام ، وفي داخل المعبد بالرياض نقشت البيعة التي تمت بينه وبين محمد بن سعود للتبرك والتمسح ومن أراد الدخول فعليه خلع حذائه أما في المساجد فلا يلزمهم ذلك وإن كانت تحمل أقذار الدنيا!

فانظر هداك الله كيف أنَّ الوهابية يحاربون الناس لزيارتهم قبر المصطفى r ، بل ويرون وجود قبره الشريف داخل المسجد النبوي خطيئة من الخطايا !! وهم في المقابل يتخذون رموزهم كمحمد بن عبد الوهاب آلهة تعبد من دون الله ، فيا سبحان الله:   

 

أحرامٌ على بلابله  الدَّوح     حلالٌ على الطير من كلِّ جنسِ

من ضلالات الحشوية

الوهابية خوارج العصر أصحاب فقه سطحي عقيم في الدين وغيره ، وذلك لضيق أفقهم وقلة معرفتهم ، فالجهاد لديهم قتال المسلمين[29] بحجة أنهم أهل شرك وبدعة ، والعقيدة عندهم تتمحور حول القبور وتفسيق من يزورها ووصمهم بجريمة الشرك ، وأن الله موجود في السماء ، وبناء عليه فمن قال بدوران الأرض فهو ضال مضل يريد تخريب العقيدة السلفية ! ، فيتأولون العرش والكرسي تأولاً حسياً ، ولو وافقنا هؤلاء جدلاً على ما يقولون ، فإنَّ الله سبحانه وتعالى يقول في آية يرددونها ليل نهار (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأرْض) فكيف إذا كان الكرسي حسياً  يُحَدُّ سبحانه وتعالى بالسماء وكرسيُّه قد وسع السماوات والأرض بنصِّ الكتاب العزيز ؟! ؛ ولولا أن هؤلاء ينمِّقون كلامهم بشيء من القرآن لما اكترثنا بالرد عليهم ، ولكن لنبعد كتاب الله سبحانه وتعالى عن تأويلات المبطلين فإننا نورد ههنا جواباً مقتضباً واضح الحجة ناصع البرهان لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي لسؤال هذا نصه:

س .ما قولكم فيمن احتج بقوله تعالى {بل رفعه الله إليه} كدليل على أن الله موجود في السماء؟

ج. ليس قوله هذا من الصحة في شيء فإن إبراهيم عليه السلام حكى الله عنه قوله {إني مهاجرٌ إلى ربي} مع أنه هاجر إلى بلاد الشام ، فهل معنى ذلك أن الله كان ببلاد الشام مستقراً ؟ وكذلك جاء في الحديث الصحيح {إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق أمام وجهه فإن الله بينه وبين قبلته }[30] وهل معنى ذلك أن الله مستقر بين يدي كل مصلٍّ ؟ كلا وإنما كلام العرب فيه الحقيقة والمجاز ، وقد أنزل الله بهما القرآن ووردت بهما السنة ، فقوله تعالى {بل رفعه الله إليه} يدل على التقريب والتكريم ، وهذا كما يقال في الذي يموت من الصالحين نَقَلَه الله إليه ، والله أعلم.

 

التناقض العقائدي

الحشوية أعداء التأويل عموماً وتأويل الصفات خصوصاً  ، مختلطون كثيرا عندما تقرعهم الحجج ، فالشيخ ابن باز الذي يقول في فتاويه ج4 ص 131 " التأويل في الصفات منكر ولا يجوز " هو عينه الذي أوَّل صفة المعية بالعلم !!! ففي نفس الكتاب ج2 ص 89 : يقول محتجاً بقول السلف !! : " إن هذه المعية تقتضي علمه بأحوال عباده وإطلاعه عليهم .." فأول المعية بالعلم كما ترى لا بالمرافقة الحسية ! ، ويقول في ج1 ص 148 من نفس الكتاب محتجاً بقول الطلمنكي : " أجمع المسلمون من أهل السنّة على أن معنى قوله تعالى { وهو معكم أين ما كنتم } ونحو ذلك من القرآن أنه علمه .." المضحك أن أدعياء السلفية عموماً كثيراً ما يرددون أن السلف وسائر أهل العلم من أصحاب النبي r ومن بعدهم أئمة المسلمين لا يؤولون !! والشيخ ابن باز نفسه قد نصَّ على هذا في فتاواه ج 4 ص 131 فانظر لهؤلاء - حفظ الله عقلك - لتذكر نعمة الله عليك !

 

ويستحلون الكذب على مخالفيهم

الكثير من المسلمين يصابون بالدهشة البالغة عندما يسمعون الحشوية يرجمونهم بباطل القول وشنيع الاتهام ، وكم من مذهب إسلامي رموه بأكاذيب وافتراءات ليس عليها من دليل ، فكثيراً ما ترى الوهابي اليوم يزعم أن أهل المذهب الفلاني يستحلون اللواط ولكنهم لا يجاهرون بحليَّته ! أو أن المذهب الفلاني الذي لا يقول برؤية الباري دنيا وأخرى هو مذهب إلحادي لا يؤمن أصلاً بوجود الله ولكنه يتخفى تحت ستار القرآن ! ، وهذا من أمورهم التي ينشرونها بين العامة كي يخلوا لهم الجو فيبيضوا ويصفروا !

وإن كان هذا من شنائع الصفات التي لا يبقى المرء معها مؤمنا ؛ لأن المؤمن يُطْبَعُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ، وهذا الفعل الشنيع من الخيانة للأمة بتمزيق صفها ، ومن الكذب والبهتان المبين على المؤمنين الصادقين ، وقد توعد المولى جل جلاله الكاذبين باللعنة في قوله {ألا لعنة الله على الكاذبين}.

هذا والمتابع للحركة الحشوية يرى أنهم رضعوا لبان هذا المنهج القبيح من استحلال الكذب على المخالفين على مدار التاريخ الإسلامي ، فهذا الإمام السبكي يفضح بعض المجسمة من الذين يدَّعون اتباع الإمام أحمد بقوله (.. فصاروا يرون الكذب على مخالفيهم في العقيدة ، لا سيما القائم عليهم بكل ما يسوءه في نفسه وماله .. وبلغني أن كبيرهم استفتي في شافعي أيشهد عليه بالكذب فقال ألست تعتقد أن دمه حلال ؟ قال : نعم . قال: فما دون ذلك دون دمه فاشهد وادفع فساده عن المسلمين.) ثم قال (فهذه عقيدتهم يرون أنهم المسلمون وأنهم أهل السنة ، ولو عدوا عددا لما بلغ علماؤهم لا عالم فيهم على الحقيقة مبلغاً يعتبر ، ويكفرون علماء الأمة ، ثم يعزون إلى الإمام أحمد بن حنبل ، وهو منهم بريء..)[31]

وهذا الديدن في الإفساد في الأرض من أدعياء اتِّباع أحمد هو ما لاحظه الدكتور عبد المجيد بدوي ، حين تحدث عن وقوفهم خلف كثير من الفتن في العالم الإسلامي منذ أمد بعيد ، فقال (وهذه الثورات[32] كثيراً ما كان يوجهها المفكرون السنيون المحافظون وعلى رأسهم فقهاء الحنابلة ورجال الحديث)[33] بل وطالبوا بتكفير من لا يكفر الشيعة[34] ! ، ويشهد عليهم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي قائلاً (..ولكن أمانة الله والعلم والخلق تدعوني إلى أن أنبه جماعات المسلمين إلى هذا الصنيع العجيب الذي يتلبس به من يدعون الناس إلى اتباعهم ، وإلى ائتمانهم على دينهم ، ورواية الأحاديث عن نبيهم )[35]ثم ذكر مثالاً موثقاً من كذبهم عليه .

وإثارتهم للفتن ماثلة اليوم في كل صقع إسلامي وافترائهم على كل عالم يخالفهم[36] ، لأنهم ببساطة كما يقول العلامة أبو زهرة (يفرضون أي الوهابية في آرائهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ ، وفي آراء غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب)[37] ، يقول العلامة البوطي (حاذر أن يستزلك هؤلاء إلى مستواهم المعروف في الجدل فإن في أفئدتهم من الحقد على جمهور المسلمين سلفهم وخلفهم ما يجعلهم ينهشون في عرض كل من يخالفهم)[38] فهم لا يعرفون مع مخالفهم سوى (السباب والشتائم المستعرة المحمومة)[39]


 

[1] هذه البلدة هي منشأ ابن تيمية!

[2] القول بقعود النبي على عرش الرحمن من البدع التي أشاعها ابن تيمية (منهاج السنة 1/260-261)

[3] منقول بتصرف يقتضيه السياق من كتاب "الوهابية والتوحيد" لعلي الكوراني العاملي ، دار السيرة – بيروت ، ص 88

[4] التجسيم هو حمل آيات صفات الباري المذكورة في القرآن والسنة على ظاهرها ، ويحرم أتباع هذا المذهب المجاز التأويل والتفويض لأنه شر أقوال أهل البدع والإلحاد على حد تعبير ابن تيمية ، فيفسرون آيات الصفات تفسيراً حسياً.

[5] راجع مثلاً  الألباني في فتاويه ص 522 – 523 عندما قال (.. المهم أن ننزه الإمام البخاري أن يؤول هذه الآية ، وهو إمام في الحديث وفي الصفات ، وهو سلفي العقيدة والحمد لله .) ويقصد بالآية { كل شيء هالك إلا وجهه } !!

[6] ويقولون لا نصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه ، ثم يقولون: استوى على العرش بذاته ، فمن أي قرآن ومن أي سنة جاؤوا بلفظة (بذاته) هذه!!

[7] يقول ابن تيمية في الرسالة التدمرية ص 75 : " فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم التشبيه والتمثيل كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك ، ثم يقول لهم أولئك : هب أن هذا المعنى قد تسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيهاً ، فهذا المعنى لا ينفيه عقل ولا سمع ، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية ، والقرآن قد نفى مسمى المثل والكفء والند ونحو ذلك ، ولكن يقولون الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفؤه ولا نده ، فلا يدخل في النص . وأما العقل : فلم ينف مسمى التشبيه في اصطلاح المعتزلة.

[8] الوهابية والتوحيد ص 79 ، ولم يحدد المصدر أهو سير أعلام النبلاء ، أم تذكرة الحفاظ ، ولكن الذهبي في التذكرة 4/13-14 وفي سيره 21 / 463 يدافع عن المجسمة الذين لحقهم الأذى بسبب إظهار التجسيم كعبد الغني الذي يسميه بالحافظ والذي أفتى فقهاء مصر بإباحة دمه ، لذا فهو يرى أن كتمانها عن العامة أولى. 

[9] منقول بشيء من الاختصار من كتاب (التنبيه والرَّد على معتقد قِدم العالم والحدّ) تأليف حسن بن علي السَّقاف الشافعي ص 6-14.

[10] رواه أبو يعلى (4/217) عن طريق ابن عباس وقال الشيخ حسين أسد (إسناده صحيح) ، وروى الحاكم قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما   (قال :  إن أول شيء خلقه الله القلم فقال له اكتب فقال وما أكتب فقال القدر فجرى من ذلك اليوم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السماوات ثم خلق النون فبسطت الأرض عليه والأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال فإن الجبال تفخر على الأرض) قال الحاكم  هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص (على شرط البخاري ومسلم) وروى الطبراني في مسند الشاميين (1/398) من طريق ابن عمر (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أول شيء خلقه القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول بر أو فجور أو رطب أو يابس فأحصاه عنده في الذكر ثم قال اقرأوا إن شئتم { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } فهل تكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه )

[11] يقول الشيخ المحدِّث السقَّاف : قوله (أكثر أهل الحديث) افتراء منه عليهم ، لأن أهل الحديث وغيرهم من علماء المسلمين يُكَفِّرون من قال بقِدم العالم إجماعاً ، سواء بنوعه أو بأفراده.

[12] وأين ذهب قوله صلى الله عليه وسلم (كان الله ولم يكن شيء معه) وإجماع العقلاء على ذلك؟!

[13] أي ابن تيمية المعاصر له الذي أظهر ذلك كما يقول ذلك الذهبي أيضاً ، والمنكر لهذا مكابر.

[14] هذا لحن من الشيخ والصواب (أولوا) لأنها في موقع رفع فاعل ، قال تعالى :{ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة}ولكنه التأثير الوهابي!.

[15] المصدر د.محمد بن عبدالله المسعري ، الأدلة القطعية على عدم شرعية الدولة السعودية ، ص 167، مؤسسة الرافد للنشر والتوزيع.

[16] يراجع ابن تيمية (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم) ص 457

[17] نفس المصدر ص 333

[18]رواه مسلم والنسائي وأبو داود وأحمد والترمذي.

[19] رواه مسلم والنسائي وأبو داود وابن ماجة وأحمد.

[20]  ابن الأثير ، أسد الغابة  ، ج1 ص 208 ، وقد ذكر هذه الزيارة أيضاً ابن عساكر بإسناد جيد.

[21] السمهودي ، وفاء الوفا 4/1405 نقله عن تحفة ابن عساكر

[22] السمهودي ، وفاء الوفا 4/1404 ، والحاكم ،  المستدرك على الصحيحين ، ج 4 ص 515  ، وروى هذه الالتزام أحمد. وحقيق لنا أن نبكي الدين اليوم عندما وليه الوهابية!

[23] في شرح الشفاء للقاضي عياض  ، وقد روى مالك في الموطأ هذه الزيارة أيضاً.

[24] للرد المفصل على دعوى ابن تيمية وحزبه منع السفر للسلام عليه صلى الله عليه وسلم راجع د. محمد سعيد رمضان البوطي ، فقه السير النبوية ، ص 560 وما يليها ، ط 10 . ولكني أحسب أن بعض ما جاء في هذا المقال خصوصاً أمنية الصحابة وعمر في الدفن قربه صلى الله عليه وسلم هي أفكار لم تطرح من قبل.

[25] ولا عبرة بقول ابن حجر في عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍأحد رواة الحديث أنه مجهول  لا يعرف ؛ لأنه إن جهله هو فقد عرفه ووثقه محمد بن سعد والنسائي وابن حبان.

[26] أوردها القاضي عياض وذكر أنه تلقاها بسند صحيح ، وقال ابن حجر في (تحفة الزوار) (جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه) وقال الزرقاني في شرح المواهب (رواها ابن فهد بإسناد جيد) ولا عبرة بعد ذلك بزعم ابن تيمية بأنها حكاية مفتراه لأن هذا ديدنه مع كل ما يصطدم به من حديث أو أثر.

[27] السمهودي ، وفاء الوفا ، ج4  ص 1404 ، وأرجو أن لا يكون الوهابية قد حذفوا جواب الإمام أحمد في النسخ الحديثة من كتاب العلل والسؤالات!

[28] نقله السمهودي في وفاء الوفا (4/1400) عن رواية الأصمعي

[29] كيف لا يفعلون ذلك والأوامر الاستعمارية تقتضيها كما نقل المستر همفر ذلك حرفيا في مذكراته في الفصل السابع ص 79 حين تعرض لإفشاء وثيقة بريطانية سرية بعد انتهاء مفعولها (50 سنة بحكم القانون البريطاني خفضت إلى 30 سنة عام 1967) وتحديداً في البند الثالث عشر  الذي يقول (13. اشعال الحروب والثورات الداخلية والحدودية بين المسلمين وغير المسلمين ، وبين المسلمين أنفسهم على طول الزمان لتستنفد قوى المسلمين وتشغلهم عن التفكير في التقدم وتوحيد الصف ، ولتستنزف طاقاتهم الفكرية ومواردهم المالية …) فهل من عجب أن يحافظ تلاميذ محمد بن عبد الوهاب على سير أستاذهم الأعظم ؟!

[30] رواه الربيع بن حبيب في الجامع الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، ورواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد ومالك وغيرهم بألفاظ متقاربة من طريق ابن عمر رضي الله عنهما.

[31] طبقات الشافعية 1/193

[32] يقصد بالثورات هنا الثورات على مخالفيهم من الشيعة والمعتزلة ، وإبادة خضرائهم ، وذلك عندما تحدث عن ما فعله القادر بتحريض من أتباع أحمد سنة 408 هـ.

[33] د. عبد المجيد بدوي ، التاريخ السياسي والفكري ، ص 189

[34] المصدر السابق.

[35] البوطي ، اللامذهبية ، ص 134 وذكر مثالاً على كذبهم عليه.

[36] ومن الأمثلة البسيطة جداً على ذلك ما ذكره العلامة البوطي ، اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية ، ص 131 كذب أحد علماء الحشوية على الدهلوي فيقول (إن ما نقله المعصومي عن الدهلوي في كتابه الإنصاف ، كلام مكذوب عليه ، لم يثبت لا في الإنصاف ولا غيره).

[37] محمد أبو زهرة ، المذاهب الإسلامية ، ص 355

[38] البوطي ، اللامذهبية ، ص 110

[39] المرجع السابق ص 109

 
 

إعداد وتصميم عبد الله القحطاني - 2003 م - جميع الحقوق محفوظة لموقع من هم الخوارج ©